Tuesday, February 26, 2008

ضحايا العولمة

الاتصالات . . . وقضايا . . . المجتمع
أول الطريق إلى الحكمه هو أن نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية – وباب الاتصالات وقضايا المجتمع يلقي الأضواء علي تأثيرات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات علي القضايا الاجتماعية والأمور العظيمة قادمة وتستحق أن نحيا ونموت مـن أجلها .

ضحايــــــــــــا العولمــــــــــــة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدر كتاب ضحايا العولمة عام 2002 باللغة الانجليزية وترجمتة للعربية ليلي الريدي وصدرت طبعتة الاولي عام 2006 وأختارتة مكتبة الاسرة ليكون ضمن أصدارتها عام 2007 . قام بتأليف الكتاب جوزيف ستجليتز وقدم له د. جلال أمين ، وجوزيف ستجليتز هو أقتصادي أمريكي شهير حاصل علي نوبل في الاقتصاد عام 2001 وكان كبيرا للاقتصاديين في البنك الدولي وشغل كرسي الاستاذية في معظم الجامعات الامريكية ويري أن سياسة صندوق النقد الدولي وتدخله في شئون الدول التي تتعامل معه ومحاولة فرض شروط وأجراءت معينة تؤدي الي كثير من الكوارث التي يدفع ثمنها فقراء هذه الدول وأن موقف الصندوق ينطوي علي كثير من التناقض حين يحاول الادعاء بأنه فوق السياسه مع أن السياسة توجه برنامجه للاقراض والتمويل ويأتي الكتاب في تسعة فصول تناول فيها وعود المؤسسات الدولية ، وعود لم يتم الوفاء بها ، حرية الاختيار ، أزمة شرق آسيا ، من أضاع روسيا ، قوانين تجارة غير عادلة وأضرار آخري ، طرق أفضل الي السوق ، البرنامج الآخر لصندوق النقد الدولي ، المستقبل . والكتاب يناقش طريقة تعامل المؤسسات المالية الدولية مع مقتضيات العولمه ، وأن هذه الطريقة غالبا ماتجلب الكوارث الاقتصادية والاجتماعية وأن الضحية الاساسية لهذه الكوارث هم فقراء العالم الثالث لاأغنياؤه وأولي الامر وأصحاب النفوذ فهولاء الفقراء هم من يتحملون نتائج سياسات الصندوق سواء من قبض يد الدوله عن التدخل لصالحهم والغاء أو تخفيض مايقدم من دعم السلع والخدمات الضرورية من صحة وتعليم وسكن . . الخ ، أو شيوع البطاله وأرتفاع أسعار السلع وزيادة معدلات الضرائب وفاء لديون لم تكن ضرورية أو تخفيضا لعجز في الموازنة ويري المؤلف أن الخصخصة ( بيع مشروعات القطاع العام والحكومي ) قد تؤدي في بعض الحالات ( وعلي الاخص أذا بيعت للأجانب ) الي أضرار أكبر من نفعها ، وفي عام 1993 ترك المؤلف الجامعة لينضم كرئيس لمجلس المستشارين الاقتصاديين التابع للرئيس كلينتون وهي لجنة من ثلاث خبراء وفي هذه الفترة كان تحول روسيا للسوق ، وفي فترة 97 أنتقل للبنك الدولي وشهدت تلك الفترة الازمة المالية لجنوب شرق آسيا والنظرة للعولمة علي أنها الغاء الحواجز أمام التجارة الحرة وتكامل الاقتصادات الوطنية قد تكون قوة خير بشرط ادارتها يغير مايجري حاليا ، فالقرارات تتخذ غالبا علي أسس أيدلوجية وسياسية وبالقطع تتفق مع مصالح أو قناعات أصحاب السلطة ويتحول الاكاديميون الي مسيسين ويلوون الحقائق لتتناسب مع أفكار المسئولين . المؤلف قضي 25 عاما من عمره يكتب في موضوعات عن الافلاس ، وقيادة الشركة ، والانفتاح والوصول الي المعلومات ( الشفافية ) وأنتقد بشدة استراتيجيات الاصلاح المتطرفة ويلتزم بالتنمية ويعتقد أن السياسات الاقتصادية الحكيمة يمكنها أن تغير من حياة ملايين الفقراء ويعتقد أن في أمكان الحكومات أن تتبني سياسات تساعد بلادها علي النمو علي أن تضمن هذه السياسات ايضا توزيعا أكثر عدلا لثمار النمو ويري المؤلف ايضا أن الخصخصة مقبولة فقط ان ساعدت في زيادة فاعلية الشركات وأن تخفض الاسعار بالنسبة للمستهلكين . أن التحول لسياسات السوق ليس كفيل بمفرده بحل مجموع المشكلات الاجتماعية فالحكومات عليها أدوار هامه مثل قضايا عدم المساواة والبطالة والتلوث ولقد عمل المؤلف علي اعادة أختراع الحكومة في أبحاثة الاكاديمية أي جعلها أكثر فاعلية وأكثر أنفتاحا علي الحوار . وجاءت تجربة عمل المؤلف في البنك الدولي ، أن أتخاذ القرار بالبنك لايحكمه لا العامل الاقتصادي أو السياسي وخاصة في الصندوق وأنما يعتمد علي خليط غريب من الايدلوجيا والاقتصاد والروئ وهي عقيدة لاتخفي بالكاد المصالح الخاصه .
كثيرا ماضربت الأزمات بلدا ودائما مايصف الصندوق حلولا معياريه ، لكنها قديمة وغير ملائمة ولاتأخذ في الاعتبار ظروف هذه البلد ، نادرا ماتوجد دراسات تقديرية تجري عن تأثير تلك الحلول علي الفقر ، أنعدمت أية حلول بديلة ، الايدلولوجيا هي التي تقود وصفات العلاج وعلي البلدان أن تتبع صندوق النقد الدولي دون مناقشة . ادت سياسات الصندوق الخاصه بالتكيف الهيكلي ( السياسات التي تهدف الي مساعدة بلد ما علي التكيف في مواجهة الازمات وحالات عدم التوازن المزمنة ) أدت في العديد من البلدان الي المجاعة والهياج الشعبي . ولكن الم يساور من يتخذون القرارات الشكوك في صحة تلك السياسات . . بالطبع كانت تساورهم الشكوك غير أن الكثيرين منهم كانوا يخشون من أحتمال فقد تمويل صندوق النقد الدولي ومعه العديد من مصادر التمويل الآخري وكانوا يعبرون عن شكوكهم بأكبر قدر من الحرص وفي الجلسات الخاصه فقط ولكنهم داخل هذه الجلسات يمثل واحد من التجارب الاليمة التي لابد حتما أن تمر بها البلاد لكي تصبح ذات أقتصاد سوق ناجح وأن الاجراءات التي يصفها الصندوق سوف تعمل في النهاية علي التخفيف من أوجه المعاناة التي كانت ستواجهها البلاد علي المدي الطويل . لاشك أنه لامفر من بعض المعاناة ولكن مايحدث عمليا هو أن تجعل الاغنياء اكثر ثراء والفقراء اكثر فقرا وسخطا أن الهجوم الهمجي الذي وقع يوم 11 سبتمبر 2001 ذكرنا بقوة أننا نتقاسم جميعا الكوكب نفسه وأننا جماعه عالمية ومثل كل الجماعات يجب علينا احترام بعض القواعد كي نتمكن من العيش معا ويتعين أن تكون تلك القواعد منصفه وعادله ويجب أن يكون ذلك واضحا للجميع تماما . كما يتعين أن تولي تلك القواعد كل الاهتمام اللازم بالفقراء مثل الاقوياء وأن تعكس مفهوما اساسيا للامانة والعداله الاجتماعية .
لقد اصبحت اجتماعات التكنوقراط الغامضين الذين يناقشون موضوعات مثل القروض الممنوحه وحصص التجارة ، أصبحت مسرحا لمعارك شوارع عنيفة ومظاهرات ضخمة حتي أن موجة الاحتجاجات ضد هؤلاء قد أنفجرت في البلدان المتقدمة ، وازداد الوعي العام حتي بين الصبية الصغار عن موضوعات مثل التكيف الهيكلي وحصص الموز ( الحدود التي تفرضها بعض الدول الاوربية علي استيراد الموز من بلدان آخري غير مستعمراتها القديمة ) ، والاتفاقيات العامه للتعريفة والتجارة ( الجات ) والنافتا ( أتفاقية منطقة شمال أمريكا للتجارة الحره التي وقعت عام 1992 بين المكسيك والولايات المتحدة وكندا والتي تسمح بحرية انتقال البضائع والخدمات والاستثمار بين تلك البلدان ) . وبرغم أن العولمة قدمت خيرا كثيرا متمثلا في العيش عمرا أطول ، قللت الاحساس بالغربة ومنحت الكثير من البلدان النامية أمكانية الوصول الي المعرفة بقدر أكبر بكثير مما كان في وسع الاكثر ثراء في أي بلد منذ قرن مضي بل أن الاحتجاجات المناهضة للعولمة هي ذاتها نتيجة حاله الترابط الشاملة تلك والتي تشكلت عبر اتصال الانترنت واثمرت في مجالات عده مثل الضغوط التي نتجت عنه المعاهدة الدولية للالغام الارضية وخفضت من الاحتمال القوي أن يتشوه الاطفال وضحايا ابرياء آخرون ومثلما أجبر الضغط الشعبي الجيد التنسيق المجتمع الدولي علي اعفاء بعض البلدان الاكثر فقرا من الديون كذلك ادخال تكنولوجيات جديدة وخلق صناعات جديدة بالدول النامية كذلك مشروعات التعليم وانتشارها اليكترونيا . . ولكن بالنسبة لكثيرين في العالم النامي لم تجلب العولمه المكاسب الاقتصادية التي وعدت بها وذلك لان العدد الفعلي لمن يعيشون في الفقر يتزايد وتناقصت دخول الكثيرين وأنخفضت مستويات المعيشة وزادت الازمات ولم يتحقق الاستقرار . . ويتهم المؤلف الغرب لانه يقود أجندة العولمه ويضمن أن يكدس نصيبا غير متكافئ من المكاسب علي حساب العالم النامي . وان كانت مكاسب العولمه في العديد من الامثله أقل مما ادعي أنصارها فان الثمن الذي دفع كان أكبر ، حيث تم تدمير البيئة وأفساد العمليات السياسية ، كما أن معدل سرعه التغير لم يتح للبلدان الوقت للتكيف الثقافي بل جلبت الازمات في اعقابها بطاله كثيفة تبعتها بدورها مشكلات التحلل الاجتماعي طويلة المدي بدء من عنف في أمريكا اللآتينية والصراعات العرقية في اجزاء آخري من العالم مثل أندونيسيا .
العولمه اساسا هي الاندماج الاكثر أحكاما لبلدان وشعوب العالم وهو أندماج حدث نتيجة الخفض الهائل في تكلفة الانتقال والاتصالات وأنهيار الحواجز المصطنعة أمام تدفقات السلع والخدمات ورأس المال والمعرفة ( وبدرجه أقل ) الناس عبر الحدود . والشركات الدولية التي لاتكتفي بنقل السلع ورأس المال عبر الحدود وأنما تنقل التكنولوجيا ايضا هي التي تقود العولمة وبقوة وبالطبع لا أحد يحب أن يري أولاده يموتون بينما المعرفة والدواء متاحان في مكان آخر من العالم . . اذا أين الخلاف . . هناك ثلاث مؤسسات رئيسية تقود العولمه ، صندوق النقد الدولي . . البنك الدولي . . منظمة التجارة العالمية . . ويتركز عمل الصندوق علي منع حدوث كساد عالمي والصندوق مؤسسة عامه تأسست بنقود دافعي الضرائب حول العالم وهو لايقدم تقاريره الي المواطنين الذين يمولونه بل علي العكس يقدمها الي وزراء المالية والبنوك المركزية التابعة لحكومات العالم والبلد الاكثر قوة اقتصاديا بالطبع هو القوة المسيطرة علي اعمال الصندوق وبرغم أن الصندوق تأسس علي عقيدة أن الاسواق تعمل غالبا بشكل سئ وأنها تحتاج لتدخل الحكومات لضبطها ، أصبح الآن يدافع عن سيادة السوق بحماسه أيدلوجيه واصبح لايقدم أموالا الا اذا بدأت الدول في تطبيق سياسات مثل خفض العجز في الموازنة أو زيادة الضرائب أو زيادة معدل العائد مما يؤدي الي أنكماش الاقتصاد وأصبحت الازمات أكثر تكرارا وعمقا هنا وهناك وبالتالي فشل الصندوق في مهمته الاصلية وكانت النتيجة هي الفقر لغالبية الناس والفوضي الاجتماعية والسياسية ، لقد أقترف الصندوق أخطاء في كل المجالات التي تدخل فيها ، . . . التنمية ، أزمات الاداره ، بمعني أنه لو فتحت مثلا الاسواق للتنافس بسرعة كبيرة جدا قبل تأسيس مؤسسات مالية قوية فان فرص العمل ستدمر بسرعة أكبر من خلق فرص عمل جديدة ويترتب علي ذلك مزيد من الازمات والفوضي الاجتماعية وتتزايد خيبه الامل في النظام الدولي للعولمة تحت رعاية الصندوق كلما رفع الدعم عن الوقود والغذاء بالنسبة للفقراء في بلدان العالم النامي وكلما أضطرت الاسر في العديد منها الي أن تدفع مقابل تعليم أولادها تحت مسمي تكلفة برامج الاصلاح مما يجبرها علي أختيار مؤلم وهو الا ترسل بناتها للمدرسة . لقد جاءت المصالح والقيمة التجارية محل الاهتمام بالبيئة والديمقراطية وحقوق الانسان والعداله الاجتماعية . . ماهي الوعود التي لم يتم الوفاء بها ؟؟ . . . يعيش 2 مليار من البشر حول العالم علي أقل من دولار في اليوم ، 2.8 مليار آخرين يعيشون علي أقل من دولارين في اليوم وهم أكثر من 45% من سكان العالم ولقد أكتشف المؤلف أن العراقيل الرئيسية التي تواجه البلدان النامية من صنع الانسان وبغير ضرورة . . كيف . . بالنسبة لاغلب الاقتصاديين فان معدلات التضخم الشديدة تؤدي غالبا لانخفاض النمو وأنخفاض النمو يقود لمعدلات بطاله عاليه والصندوق غالبا مايغض البصر عن هذه الحقيقة الجوهرية وهناك مخاطرة في ظل تضخم وعجز مرتفع أن لاتستخدم القروض بشكل جيد فالحكومات التي تفشل في ادارة أقتصادها الكلي لاتحسن عادة ادارة العون الخارجي ولكن أن كانت مؤشرات الاقتصاد الكلية أيجابية فمن المؤكد أن هناك أدله مباشرة علي كفاءة الحكومة ولكن الصندوق غالبا مايمول الحالات المنخفضة الكفاءة ويعلن الحالات ذات الاداء الجيد ! ! ! . . بالاضافة لذلك يريد الصندوق فتح السوق المصرفي أمام المنافسة الاجنبية في البلدان الفقيرة وهو مالم تسمح به امريكا وأوربا الغربية الا بعد عام 1970 عندما تطور سوقها والجهاز المنظم له . . وماذا ايضا . . الصندوق يأخذ بمنهج مقاس واحد يناسب الجميع ومهمتها الاساسية هم دعم الاستقرار العالمي وليس خفض الفقر في البلدان النامية ولكنه لايتردد في التدخل وبشكل ثقيل في قضايا التنمية والاسواق في البلدان النامية تعمل بشكل ناقص بل هي غير موجودة في أغلب الاحيان حيث تكثر مشكلات المعلومات كما تؤثر العادات الثقافية علي السلوك الاقتصادي .
عندما شهدت الولايات المتحدة أقل معدلات تضخم عدة عقود ، وطبقا لوصفات الصندوق مقاس واحد يناسب الجميع . . جاءت الوصفة . . زيادة أسعار الفائدة لابطاء الاقتصاد ، لم يدرك الصندوق التغيرات التي كانت تحدث أنذاك والتي حدثت عبر العقد السابق في أقتصاد الولايات المتحدة وسمحت له بالتمتع بنمو أسرع ومعدلات بطاله أقل وأنخفاض في التضخم ، كل ذلك في وقت واحد ، ولو أن الولايات المتحدة أطاعت نصيحة الصندوق ماكانت عرفت الازدهار التي عرفته خلال عقد التسعينات .
تستطيع الولايات المتحدة أن لاتستمع الي نصيحة الصندوق ولاتخشي أي عاقبة لانها لاتعتمد علي الصندوق ورغم المناقشات المتكررة عن الانفتاح والشفافية فأن صندوق النقد الدولي لايزال حتي الآن لايعترف رسميا بحق المواطن في المعرفة وهو حق اساسي ولايوجد قانون حرية المعلومات الذي يستطيع أي مواطن أمريكي أو مواطن أي بلد آخر ، أن يحتكم اليه لمعرفة ماتفعله هذه المؤسسة الدولية العامه . كانت الاعمدة الثلاثة لنصيحة أجماع واشنطن عبر الثمانينات والتسعينات هي التقشف المالي والخصخصه وتحرير السوق ، لاتستطيع البلدان أن تتعايش بشكل مستمر مع عجز كبير كما لايمكن ثبات النمو مع معدلات تضخم شديدة الارتفاع ومن ثم كان المطلوب درجة ما من الانضباط المالي . ولكن المبالغه في دفع التقشف المالي في ظل ظروف خاطئة قد يسبب كسادا ، قد تؤدي اسعار الفائدة المرتفعة الي أعاقة المشروعات التي لاتزال هشة . يرجع سبب فشل الخصخصة مثلا في تحقيق المكاسب التي وعدت بها الي السرعه التي يدفع الصندوق في التنفيذ بها ، ان الاسواق لاتهب سريعا لسد كل احتياج والافتراض عكس ذلك خاطئ تماما . في ساحل العاج تم خصخصة شركة الهاتف وقبل أن يتم وضع أطار تنظيمي وقانوني مناسب لضمان المنافسة وكانت الشركة الفرنسية التي اشترت الاصول المملوكة للحكومة قد أقتعت الأخيرة يمنحها أحتكار الخدمات الجديدة للهاتف الخلوي ورفعت الشركة الاسعار بدرجة كبيرة ولم يعد طلبة الجامعة مثلا قادرين علي تحمل تكلفة الانترنت وهو أمر رئيسي لتفادي أتساع الهوه الضخمة القائمة بين الاغنياء والفقراء بشأن الوصول للعالم الرقمي .
ويهتم الصندوق بسرعة تنفيذ الخصخصة وبعد ذلك يمكن التعامل مع قضايا المنافسة والتنظيم لكن يكمن الخطر في أنه بمجرد خلق مصلحه خاصة سيتولد لديها الحافز والوسائل المالية للحفاظ علي وضعها الاحتكاري وذلك بسوق التنظيم والمنافسة وببذر الفساد في الحياة السياسية ويعاني المستهلكون نتيجة لذلك ، قد يكون من المهم اعادة هيكلة مشروعات الدوله وفي كثير من الاحيان تكون الخصخصة السبيل الفعال للقيام بذلك لكن نقل الناس من اعمال ذات أنتاجية منخفضة في مشروعات الدوله الي البطاله لايزيد من دخل البلاد وبالقطع لايزيد من رفاهة العمال وبدون هياكل قانونية مناسبة ومؤسسات سوق قومية قد يكون لدي المالكين الجدد حافز لسلب الاصول بدلا من استخدامها كقاعدة لتوسع صناعي وارتبطت الخصخصة بتفشي الفساد في معظم البلدان وارتبطت بالانحطاط والضعف واثبتت علي العكس أنها قوة قادرة علي أضعاف الثقة في المؤسسات الديمقراطية ومؤسسات السوق . وفي ظل برامج صندوق النقد الدولي ادي ارتفاع معدلات الفائدة الي تدمير فرص العمل الجديدة وببساطة أصبح المال اللازم للنمو مكلفا للغاية .
الخصخصة هي تحويل الشركات والصناعات المملوكه للدوله للقطاع الخاص والتحرير الاقتصادي هو التحلص من تدخل الحكومة في الاسواق المالية وأسواق رأس المال وأزالة الحواجز التجارية وطبقا لاجماع واشنطن يتحقق النمو من خلال تحرير الاسواق ، ولم يحدث ذلك في غالبية التجارب فهناك شروط مسبقة يجب أن تتحقق قبل البدء بمثل هذه الوصفات وماحدث هو تفشي الفساد وبيع ممتلكات الدوله بأقل من قيمتها الحقيقية وأرتفاع نسبة البطالة ولم تنتقل الموارد من الاستخدامات الاقل أنتاجية الي الاكبر أنتاجية طبقا لاستخدام الميزة التفضيلية وبالتالي لم تثري أي بلد ، وتحطم المنافسين المحليين نتيجة دخول المشروعات الاجنبية . . والنموذج القائل بأن قوي السوق " أي الحافز الي الربح " تخلق الكفاءة الاقتصادية . . ذلك بدون تحقيق شروط مسبقة لذلك وكأنه يتم بواسطة قوي خفية . . يؤدي حتما الي خلق الخراب الجاري هنا وهناك . . يعد تحقيق العدل أحد مكونات العقد الاجتماعي بمعني أن يحظي الفقراء بنصيب من مكاسب نمو المجتمع وأن يتحمل الاغنياء في أوقات الازمة نصيبا من آلام المجتمع ، لكن سياسات أجماع واشنطن لاتولي أهتماما بقضايا التوزيع أو العدل في توزيع الثروة . لقد أثبتت تجارب كوريا الجنوبية والصين وتايوان واليابان أن معدلات الادخار المرتفعة لاتتطلب أنعدام العدل وأن النمو يستفيد به الفقراء بشكل تجاوز بمراحل كبيرة تلك الحكومات التي تبنت وصايا أجماع واشنطن والتي زاد ببلادها الفقر والفقراء ليسوا بالكسالي فهم يعملون غالبا بأجتهاد أكبر ولعدد ساعات اطول من هؤلاء الذين ينعمون بحياة أفضل ولكنهم أسري لمجموعة من الدوائر المفرغه ، فنقص الغذاء يؤدي الي اعتلال الصحه ويحد من أمكان كسب العيش وهو يؤدي بدوره الي مزيد من اعتلال الصحه وهم لايستطيعون أرسال أبنائهم للمدرسه وبدون تعليم يصبح محكوما علي أبنائهم بالفقر وهكذا ينتقل الفقر جيل الي جيل . لقد مثلت أزمة العمله لجنوب شرق أسيا مثلا فاضحا لسياسات صندوق النقد الدولي وأجماع واشنطن ، ربما كانت السرعة المفرطه التي تم بها تحرير الاسواق المالية وأسواق رأس المال أهم أسباب الازمة فضلا عن خطأ السياسات الآخري بعد الترويج من قبل الصندوق لنجاح قوي وليس قبل الازمة بوقف طويل حتي فأجات الازمة أغلب المراقبين . وبالنسبه للبلدان التي استمعت كليا لوصايا الصندوق . . ماحدث هو أرتفاع معدلات البطاله ارتفاعا كبيرا وأنخفض أجمالي الناتج المحلي أنخفاضا ضخما وأغلقت البنوك أبوابها ففي كوريا وصل معدل البطاله ليصل أربعة أضعاف وثلاثة أضعاف في تايلاند وعشرة أضعاف في أندونيسيا وأنخفض أجمالي الناتج المحلي في أندونيسيا بنسبة 13,1 في المائه ، وفي كوريا 6.7 % ، وفي تايلاند بلغ الانخفاض 10.8 . . وهذا أدي اجماليا الي تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي . . لم تكن بلدان شرق آسيا تحتاج لرؤوس أموال أضافية نظرا لمعدلات أدخارها العاليه ولقد فرض عليها تحرير حسابات روؤس الاموال خلال السنوات الأخيرة من عقد الثمانينات وبداية التسعينات وقد كان هذا أهم عامل أدي لحدوث الأزمة . . لقد أصبحت الازمات الاقتصادية ظاهرة متكررة الحدوث بدرجة أكبر وأكثر خطورة . . وهذا بدوره يشكل قاعدة بيانات شديدة الثراء تسمح بتحليل العوامل المساهمة في أحداث الازمات . . وأهمها كما ورد . . هو تحرير حسابات روؤس الاموال . . من المعروف أن رأس المال يتدفق خارج بلد ما في حاله الركود وبالتحديد عندما يكون هذا البلد في أشد الحاجة اليه ويتدفق رأس المال الي داخل البلد أثناء فترات الازدهار . . مما يؤدي الي تفاقم الضغوط التضخمية . . يؤدي أرتفاع سعر الفائدة الي خطر كبير علي الاقتصاد . . حذا بالرئيس كلينتون الي قلق شديد لمجرد أتجاه البنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع سعر الفائدة ربع أو نصف في المائة وخشي أن يدمر ذلك الازدهار الاقتصادي الذي حققه ويرفع من معدلات البطاله . . هذا في بلد يتمتع بأفضل بيئة للمشروعات والاعمال في العالم . . ولنا أن نتصور تأثير ذلك علي أقتصاد يدخل مرحله ركود فأنه يصيبه بسكتة قلبية . . كانت وصفة الصندوق لرفع سعر الفائدة يعتمد علي أن رفع سعر الفائدة في بلد ما يجعلها اكثر جاذبية لتدفق رأس المال اليها مما يساعد علي دعم سعر الصرف ويحقق الاستقرار للعمله . . قد يبدو ذلك منطقيا . . ولكن أستبعاد فكرة الافلاس من المعادله . . فكره ما يمكن أن تحدثه الزيادة في أسعار الفائدة علي احتمالات التخلف عن السداد وعلي المبالغ التي يمكن للدائنين استردادها في حالة حدوث هذا التخلف عن السداد . . حيث تكون الشركات تعاني من المديونية العاليه حساسه بشكل خاص لزيادة اسعار الفائدة وتصبح الشركات مهددة بالافلاس السريع وحتي ان لم تفلس فان صافي قيمتها يهبط بسرعة كبيرة لانها تضطر لدفع مبالغ ضخمة للدائنين . . صندوق النقد الدولي ومن ورائه أمريكا وبرغم أنهم من أشد أنصار المنافسه في الاسواق لكنهم بذلوا أقصي مافي وسعهم لخنق فكرة صندوق نقد آسيوي . . اذ لو أن اليابان ومن المحتمل الصين أصبحتا المساهمين الرئيسيتين في هذا الصندوق فان هذا يمثل تحديا حقيقيا لزعامة الولايات المتحدة وسيطرتها . . وهذا ينطبق علي السيطرة علي وسائل الاعلام . . فأنهم ضد أستخدام كلمة ركود أو كساد لوصف أقتصاد بلد ما يتبع وصفات الصندوق . . وعلي النقيض وليس من باب المصادفة جاءت التجربة الهندية والصينية وكانا قد تجنبا آثار الازمة العالمية بتطبيق قيودا علي رأس المال فبينما شهدت بلدان العالم النامي ذات أسواق رأس المال المفتوحة أنخفاضا في دخلها زاد معدل النمو في الهند عن 5 % أما في الصين فقد بلغ 8 % . . لقد أدت الازمات الي تحسن الاداره في الشركات وكذلك المعايير المحاسبية لدي هذه الشركات والتطور الديمقراطي الذي حدث حتي أنه تم أضافة حق المواطن في المعرفة في بلد مثل تايلاند وهذا تمهيد جيد لاسس لظروف نمو اكثر قوه في المستقبل . . في الفصل السابع يتحدث الكتاب عن طرق أفضل للسوق . . بولندا والصين أستخدمت استراتيجيات بديلة لتلك الصادرة من أجماع واشنطن ، فلم يكن العلاج بالصدمة في بولندا لخفض التضخم الفائق هو ايضا المناسب لتحقيق التغير الاجتماعي فلقد أتبعت سياسة تدريجية للخصخصة وكانت تبني فيه مؤسسات قوية لاقامة أقتصاد السوق مثل البنوك التي تمنح قروضا حقيقية ونظاما شرعيا يعالج عمليات الافلاس بعدل ونزاهة ( علي عكس ماحدث في جمهورية التشيك ، الشركات والمؤسسات تم خصخصتها قبل البنوك واستمرت بنوك الدولة تقرض الشركات التي تم خصخصتها وتدفق المال السهل لدوائر النفوذ بالدوله ولم تخضع الوحدات التي تم خصخصتها ( لقيود صارمه ) ولقد اكدت التجربة البولندية خلافا لاجماع واشنطن ، أهمية الدعم الديمقراطي للاصلاحات أولا والمحافظة علي معدلات بطاله منخفضة وتأمين تعويضات للعاطلين عن العمل وتعديل المعاشات تبعا للتضخم وأقامة البنية التحتية المؤسسية المطلوبه لجعل أقتصاد السوق يعمل وبذلك تمكنت الشركات الصغيرة من أنشاء قطاع جديد ينبض وبالمثل جاء نجاح الصين ويتناقض بشكل واضح مع فشل روسيا مثلا فلقد نتج عن عملية التحول في الصين أكبر خفض لمعدلات الفقر في التاريخ في مثل هذا المدي الزمني القصير ( من 358 مليونا في عام 90 الي 208 ملايين في عام 97 وبأستخدام معيار الفقر المعتمدة في الصين وهو دولار واحد في اليوم ) في حين حاليا لم تنجح العولمه بالنسبة للعديد من فقراء العالم ولم تنجح بالنسبة للبيئة كما لم تنجح بالنسبة لاستقرار الاقتصاد العالمي . . ولكن لايمكننا التراجع عن العولمه والقضية هي كيف نجعلها تعمل بشكل جيد . . هناك حاجه الي مؤسسات دولية عامه تركز علي القضايا التي يكون فيها العمل الجماعي العالمي مرغوبا أو حتي ضروريا وفي حين تركز الامم المتحدة علي قضايا الامن السياسي العالمي يجب أن تركز المؤسسات الدولية المالية علي الاستقرار الاقتصادي فعليا كذلك القضايا البيئية العالمية ، قضايا الصحه العالمية ، فالعون الانساني الدولي صورة من العمل الجماعي الذي ينبع من تقاسم التكاليف مع الاخرين ، كذلك البنك الدولي يجب أن تكون مهمتة الاساسية هي استئصال الفقر ولايتحقق ذلك الا بمنح البلدان أمكانية النمو والاعتماد علي النفس .